شهدت
أسعار العملات الرقميه خلال النصف الأول من السنة الفارطة سلسلة من الانخفاضات الحادة بعد أن بلغت مستويات قياسية خلال الربع الأخير من سنة 2017. سنتطرق من خلال هذا المقال إلى الأسباب التي ساهمت في انخفاض العملات الرقميه و القرارات الصادرة عن الجهات التنظيمية المعنية التي أدت إلى تضييق الخناق على هذه العملات…
منتصف شهر ديسمبر 2017: عمليات بيع واسعة
بدأ مسلسل انخفاض العملات الرقميه بعد التراجع الذي عرفته عملة
البيتكوين في منتصف شهر ديسمبر 2017 بحيث فقدت العملة الالكترونية الأكثر شعبية ما يزيد عن 40% من قيمتها بعد أسبوع فقط من تسجيلها لأعلى مستوى على الإطلاق و الذي بلغ حوالي 20,000$ أمريكي.
و لم ينحصر هذا السقوط على عملة البيتكوين فقط، بل امتد على باقي العملات الرقمية بحيث تجاوزت خسائر بعضها أكثر من 55% (عملة الليتكوين (LTC) على سبيل المثال). بينما شكلت عملة الريبل (XRP) الإستثناء بحيث إستكملت مسارها التصاعدي لتصل إلى 3.5$ أمريكي.
تواصل تذبذب العملات الإلكترونية خلال هذه الفترة وهو الأمر الذي تعّود عليه غالبية المتداولين، فلا يخفى على أي مهتم بهذه السوق أن حركة سعر العملات الالكترونية تشهد تقلبات حادة خلال فترات زمنية قصيرة، و هذا يرجع بالأساس لكونها غير خاضعة لأي مراقبة من أية جهة رسمية.
بداية سنة 2018: أخبار سيئة من كوريا الجنوبية
ساهمت الأخبار القادمة من كوريا الجنوبية في نزول سعر العملات الالكترونية بشكل حاد، فقد إنتشرت خلال شهر يناير شائعات حول تصريحات منسوبة لوزير العدل بالحكومة الكورية، و التي أكد من خلالها أن كوريا الجنوبية ستقوم بمنع
منصات العملات الرقميه. كان لهذه الشائعات تأثير سلبي على أسعار العملات الرقمية، حيث أنها فقدت عملة البيتكوين أكثر من 10% من قيمتها و إستقرت عند مستوى 14,000$ أمريكي رغم تكذيب مكتب رئيس الوزراء الكوري لهذه الشائعات.
تواصلت موجة التقلبات الحادة مع قيام حكومة سيول بالإعلان عن نيتها لفرض ضرائب بنسبة 24.2% على أرباح منصات تداول العملات الرقميه، استقبلت العملات الرقميه هذه الأخبار بشكل سلبي أدى إلى تراجع البيتكوين إلى مستويات متدنية و استقراره عند 10,500$ أمريكي.
و يمكن تفسير هذه الإنخفاضات نظرا لكون كوريا الجنوبية تعتبر من أوائل محتضني تكنولوجيا البلوكشين، كما أن عدد المستثمرين في العملات الإلكترونية بكوريا الجنوبية يبلغ حوالي 2 مليون شخص، بالإضافة إلى كون هذا البل يعتبر د ثالث أكبر سوق لتجارة البيتكوين في العالم، وراء كل من اليابان والولايات المتحدة الأمريكية.
شهر فبراير: تشديد الخناق على العملات الإلكترونية
تواصلت سلسلة خسائر سوق العملات الإلكترونية خلال بداية شهر فبراير 2018 بعد صدور توصيات من لدن البنك المركزي الصيني تدعو الحكومة إلى إغلاق مواقع تداول العملات الإلكترونية و كافة المواقع و التطبيقات التي لها علاقة بهذا المجال أجنبيّةً كانت أو محلية.
من جهة أخرى، قام بنك “لويدز” البريطاني بوضع حظر على
شراء العملات الرقمية، بحيث لم يعد بمقدور هذا البنك إستعمال بطاقاتهم الإئتمانية للقيام بعمليات استثمارية في سوق العملات الرقميه. من جانبه فسر البنك اتخاذه هذه الخطوة بهدف حماية زبنائه من الخسائر التي بإمكانهم تكبدها نتيجة التقلبات الحادة التي تشهدها هذه السوق.
أدّت هذه المعطيات إلى إلى إنهيار قيمة عملة البيتكوين و استقرارها عند مستوى 6,000$ دولار أمريكي، كما أن القيمة السوقية لسوق العملات الرقميه هوت بنسبة حادة مقارنة مع المستويات القياسية التي حققتها في أواخر سنة 2017.
شهر مارس: حظر الإعلانات المتعلقة بالعروض الأولية
نجحت أسواق العملات الإلكترونية في تحقيق بعض التعافي ما بين شهري فبراير و مارس، بحيث أن عملة البيتكوين تجاوزت من جديد سقف 10,000$ أمريكي كما أن القيمة السوق للعملات الرقميه شهدت قفزة نوعية بحيث تجاوزت حاجز 450 مليار دولار أمريكي.
لكن سرعان ما وضعت بعض الأخبار السيئة حدا لهذه الإنتعاشة، هذه المرة جاء الدور عملاقي الإعلانات الإلكترونية “غوغل” و “فايسبوك” ، بسبب قرارها القاضي بحظر جميع الإعلانات المرتبطة بالعملات الرقمية و الخدمات المرتبطة بها وخاصة تلك المرتبطة بالعروض الأولية (ICO)، و تم تبرير هذا القرار بكون أن العديد من المواد المتعلقة بالعملات الرقمية تساهم في تضليل الزوار.
أدى هذا القرار إلى إنخفاض قيمة العملات الرقميه من جديد، بحيث فقدت عملة البيتكوين أكثر من 13% من قيمتها و إستقرت عند مستوى 7,800$ أمريكي.
شهر يونيو: اختراق منصة تداول العملات الإلكترونية “Coinrail”
حققت سوق العملات الالكترونية خلال شهري أبريل و ماي بعض المكاسب، بحيث قفزت القيمة السوقية للعملات الرقمية من مستوى 254 مليار دولار أمريكي إلى 452,5 مليار، كما أن عملة البيتكوين عادت لتخطي حاجز 10,000$ أمريكي من جديد و ظن الجميع أنها ستستأنف مسارها التصاعدي، لكن سرعان ما شهد السوق إنهيارُا ليعود لنفس المستويات السابقة مع حلول شهر يونيو. خلال هذا الشهر، تسبب إختراق منصتين لتداول العملات الرقميه بكوريا الجنوبية في نزول حاد للعملات الرقمية، بحيث تم إختراق منصة “Coinrail” و سرقة حوالي 523 مليون دولار أمريكي. و تسبب هذا الإختراق في فقدان سوق العملات الإلكترونية خمسة مليارات دولار خلال يوم واحد فقط، كما أنه تم تداول عملة البيتكوين دون مستوى 7,000$ للمرة الأولى منذ منتصف أبريل 2018.
شهر غشت: رفض طلب إدراج عملة البيتكوين في البورصات التقليدية
شهدت سوق العملات الرقميه بعض التحسن خلال الأشهر الأولى من النصف الثاني لسنة 2018، بحيث عادت العملة الأكثر شهرة في العالم “البيتكوين” للتداول فوق مستوى 8,000$ أمريكي. غير أنَّ القرار الذي إتخدته هيئة الأوراق المالية الأمريكية (SEC) القاضي برفض طلب الأخوين “وينكلفوس” لإدراج صندوق مؤشرات متداولة (ETF) لشراء عملة البيتكوين عن طريق البورصة.
بالنسبة للعديد من المهتمين، بإمكان سوق العملات الرقميه تحقيق العديد من المكاسب في حال إن تم التأشير لعملة البيتكوين في الولوج إلى البورصات التقليدية، بحيث أن ولوج عملة رقمية إلى أسواق مالية مالية منظمة سيساهم بلا شك في إضفاء صبغة شرعية على كافة مكونات سوق العملات الرقميه و جذب المزيد من المستثمرين خاصة الصناديق الإستثمارية.
وأرجعت هيئة الأوراق المالية أسباب رفضها لعرض الأخوين “وينكلفوس” نظرا لكون عملة البيتكوين عملة غير خاضعة لتنظيم أي جهة رسمية، كما اعتبرت الهيئة بشكل ضمني أن عملة البيتكوين عرضة للممارسات و الأعمال الاحتيالية و الخادعة.
أترث هذه الأخبار سلبا على أداء العملات الإلكترونية، بحيث فقدت عملة البيتكوين حوالي 8% من قيمتها قبل صدور القرار و استقرت عند مستوى 6500$ أمريكي.
حرب الهاش: البيتكوين كاش يؤثر سلبا على أداء سوق العملات الرقمية
تميّز شهر نونبر الماضي بحدوث انقسام على مستوى شبكة
البيتكوين كاش (BCH)، حيث أدى هذا الإنقسام إلى ولادة عملتين جديدتين (BCH ABC) و (BCH SV). وصفت هذه الولادة بالعسيرة من طرف العديد من المهتمين بتكنولوجيا نظرا للأحداث التي رافقت هذا الإنقسام (Hard Fork)، بحيث هددّ الملياردير “Wright”، و الذي يعتبر أحد أكبر الداعمين لعملة (BCH SV)، بشنِّ هجوم الإستحواد “هجوم 51 في المئة” على شبكة (BCH ABC). و كان الدافع وراء هذه التصريحات هو إمتلاك شبكة البيتكوين كاش SV لدعم القوى التعدينية بشكل يفوق نسبيا الدعم الذي تحظى به شبكة البيتكوين كاش ABC. و تمت تسمية هذه الأحداث من طرف المتتابعين بحرب الهاش.
حالة من القلق و الخوف هي التي سادت أوساط المستثمرين، بحيث فضل العديد منهم الإبتعاد عن سوق العملات الرقمية، بحيث أن القيمة الإجمالية لسوق العملات الرقميه إنخفضت دون مستوى 200 مليار دولار، كما أن عملة البتكوين تأثرت بدورها بفعل هذه الأحداث، خصوصا أنه يتم في بعض الأحيان الخلط بين عملة البيتكوين و عملة البيتكوين كاش. فقدت عملة البيتكوين أكثر من 10% من قيمتها، بحيث تم كسرت مستوى 5,000 دولار أمريكي للمرة الأولى منذ أكتوبر 2017.
مصدر:
أسباب إنخفاض سعر العملات الرقمية خلال النصف الأول من سنة 2018