العكس تماما يا صديقي يحي لأن المنطقة ستبقى متوترة مادام لا احد يستمع لاولئك الاكراد المشتتين بين الحدود الادارية لدول. هناك حركة مطالبة بقيام دولة كردية منذ اكثر من قرن و لان جميع دول المنطقة لا تصغي اليها فقد وجدت حاضنة في دول الغرب الاستعماري الذي دعمها و مولها و فيهم من نجح فعلا في تكوين نواة اولية و هي اقليم كردستان العراق الذي اصبح يتمتع بحكم ذاتي.
الأكراد شعب عريق يعيش في تلك البقعة من الارض من مئات السنين و ليسوا شعبا تم زرعه عنوة كما تم مع اسرائيل. كل ما حصل انه اثناء تقسيم الامبراطورية العثمانية المنهارة ابان الحرب العالمية الاولى (تسمى بتقسيم تركة الرجل المريض) لم يضعوا للاكراد دولة و لم يعطوهم حق تقرير المصير كما فعلوا مع الأرمن مثلا. اتفاقية سايكس بيكو في ما بعد وزعت تلك الاقاليم (دول ناشئة) تحت حكم احتلالي فبقيت سوريا و لبنان تحت الانتداب الفرنسي و كانت العراق و الاردن و فلسطين من نصيب بريطانيا.
أنا طبعا أحترم وجهة نظرك كثيرا، وأؤيد كثيرا مما جاء فيها وإن كنت لا أتفق معك في بعض الأشياء.
لكن الواقع الآن يجعل حلم قيام دولة الأكراد حلم صعب المنال وستسيل دماء كثيرة من الطرفين (وهي ما تزال تسيل بالفعل منذ سنوات) لأمر في غاية الأهمية وهو أن الأراضي التي يعيش عليها الأكراد حاليا سواء في سوريا أو العراق أو إيران أو تركيا هي من أخصب الأراضي الزراعية ومليئة بالثروات الباطنية مثل النفط والغاز، لذلك أعتقد أنه من المستحيل أن تقبل أي دولة من هذه الدول اقتطاع هذه الجزء الاقتصادي الحيوي المليء بالثروات الباطنية وإعطائه للأكراد لإقامة دولتهم.
خذ على سبيل المثال سوريا ، الآن الأكراد أعلنوا استقلالهم بدعم أمريكا في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا التي تضم محافظة الحسكة وجزء من محافظة دير الزور ومحافظة الرقة التاريخية المعروفة، هذه المناطق التي تم اقتطاعها تضم حوالي 95% من النفط الموجود في سوريا كلها وحوالي 70% أو أكثر من الغاز، بالإضافة إلى المساحات الهائلة التي كانت تستخدم لزراعة القمح وتعطي سوريا اكتفاءها الذاتي من النفط والغاز والقمح.
الآن سوريا تعاني معاناة شديدة من نقص هذه الموارد الحيوية نتيجة استقلال الأكراد وتقوم باستيراد كل هذه الأشياء بصعوبة بالغة بسبب الحصار الاقتصادي.
مشكلة الأكراد معقدة جدا صراحة، سوريا الآن بوضعها الراهن لاتستطيع فعل شيء حيال الأكراد بسبب انشغالها بوضعها الداخلي المهترئ وكذلك تستخدم الأكراد كورقة للضغط على تركيا التي تخاف من قيام دولة كردية وقد صرحت علنا أنها لن تسمح بقيام دولة كردية في سوريا وقامت بقصفهم عدة مرات بالفعل وقطعت عنهم المياه.
لكن متى ما سنحت لها الفرصة وتصالحت سوريا مع تركيا ورفعت أمريكا حمايتها عن الأكراد نتيجة صفقة ما مع سوريا أو روسيا أو تركيا، أنا واثق أنها ستقوم بضربة موجعة للأكراد (ربما تكون بالتعاون مع تركيا أيضا) ولا أستبعد أن تعمل بهم مجازر كالتي عملها صدام حسين بهم في العراق.
لكل هذه الأسباب القادة الأكراد أنفسهم منقسمون حول قيام هذه الدولة لأن قسم كبير منهم لايثقون بأمريكا على الإطلاق ويخافون من حدوث هذا السيناريو الرهيب هذا عدى عن كونهم مختلفون بالأساس في العقائد والأفكار ومنقسمون إلى فصائل وأحزاب وبعضها موالي لسوريا وتركيا.