Topic: موجة الحر (Read 178 times)

موجة الحر هي  ارتفاع غير عادي في درجات الحرارة لفترة طويلة، وغالبًا ما تكون مصحوبة بارتفاع في مستوى الرطوبة. ومن المتوقع أن تصبح موجات الحرارة أكثر تواتراً وأشد حدةً في المستقبل بسبب تغيُّر المناخ الذي سببه انبعاث غاز ثاني اكسيد الكربون و الغازات السامة  مما يسبب الكوارث الطبيعية كالزلازل والفياضانات ، و ياثر سلبا على كل شيء .
و هذا ما يضع الكوكب بما فيه من حياة في خطر محدق و اعتقد اننا سنضطر لمغادرته في المستقبل البعيد لانه مهما وجدنا حلول لن تكون كفيلة بانقاذه .

باللفعل هذه أشد سنة حر تمر علي في تاريخ حياتي، نحن هنا في سوريا من دول البحر المتوسط والمناخ عندنا معتدل بشكل عام وأنا أعيش في وسط سوريا في منطقة ذات مناخ معتدل جميل لكن هذه السنة كان الوضع مختلف حيث حيث شهدنا درجات حرارة 40-43 درجة مئوية وهذا الأمر غير معتادين عليه أضف إلى ذلك مشكلة الكهرباء عندنا بسبب الوضع في سوريا حيث تأتي الكهرباء ساعة واحدة فقط كل 6 ساعات لذلك كانت من أشد السنين معاناة ولكن انتهت تقريبا الآن والحمد لله.

ومنذ يومين قرأت مقال على الانترنت عن الطقس المتوقع خلال العام القادم أن الشتاء سيكون هو الأقسى والأطول وستكون موجات متتالية من البرد تليها موجات من الحر وأن فصل الشتاء والصيف سيكونان أطول من المعتاد ، وهذا ملاحظ منذ عدة سنوات حيث نرى تقريبا أن فصل الربيع وفصل الخريف أصبحا قصيرين جدا، هذه السنة على سبيل المثال استمر البرد في سوريا حتى منتصف الشهر السادس تقريبا، ثم فجأة في بداية الشهر السابع دخلنا في موجة حر قوية جدا، يعني عمليا لم نرى الربيع تقريبا هذه السنة.

التغييرات المناخية باتت واضحة للعيان على الكوكب وكل سنة تزداد وضوحا وتغيرا، وأنا مع الرأي القائل أن الكوكب بدأ بمرحلة الغليان وهذا كل طبعا بفضل النشاطات البشرية والتلوث وخاصة من الدول الصناعية الكبرى وكما قال اخي خالد على رأسها الولايات المتحدة التي ترى نفسها فوق كل الاتفاقيات، ليس هناك حل على مايبدو لأن الدول الصناعية لن تتخلى عن صناعاتها من أجل البيئة أو غيرها، على العكس التنافس بينهم يزداد شراسة والعلماء طبعا لاحول لهم ولا قوة وتذهب نداءاتهم أدراج الرياح.

لذلك علينا منذ الآن الاستعداد لشتاء قارس يليه صيف حارق.

بالنسبة الاتفاقيات و المعاهدات فكلنا نعلم انها مجرد كذب على الذقون و ستبقى مجرد حبر على ورق.
بل أكثر من ذلك، هذه الاتفاقيات و المعاهدات يتم استعمالها فقط للضغط على الطرف الاضعف و لوي ذراعه. مثلا أمريكا من أكثر الدول، ان لم أكن مخطئا، التي صححت على اتفاقيات متعلقة بالبيئة و السعي للتقليل من انبعاثات الغازات من المصانع و استعمال الطاقات البديلة و المتجددة. لكن الواقع انها لم تحترم ايا من هذه الاتفاقيات و لا يستطيع أحد موجهتها، في حين تقوم هي بتطبيق شروط الاتفاقية على باقي الدول الضعيفة.
هذه الاتفاقيات هي عبارة عن استعمار لكن بشكل قانوني. لكن القانون واقعيا هو قانون الغاب، يطبق على الضعيف و يستثنى منه القوي.

لا يمكن الغاء حقيقة ان الجميع متضررون من التغير المناخي بما فيهم الدول التي لم تكن متسببة فيه بشكل كبير. في المؤتمرات الدولية مثل "مؤتمر المناخ" أو "مؤتمر شرم الشيخ" في ديسمبر الفارط، جميع تلك الدول تشارك و كأنها جميعها متحالفة للتعامل مع الأزمة. و لكن في الجقيقة فان الدول الصناعية الكبرى تشارك في المؤتمر و تضخ ميزانيات في شكل مساعدات للدول الفقيرة المتضررة لكي نقول انها فعلا تساهم في مواجهة الأزمة. و الدول الفقيرة تشارك لكي تتحصل على دعم مادي سيتم استغلاله لدعم اقتصادياتها الضعيفة. يعني مخرجات المؤتمر تكون دوما في شكل دول تمنح مساعدات مالية لدول افقر منها.

و لكن هل كان هذا كافيا او أدى الى أية نتائج؟ من المفترض ان مواجهة ازمة عالمية يكون في شكل استراتيجيات تعمل وفقها جميع دول العالم تماما كما حصل اثناء حرب المواجهة مغ كورونا. مادام لم يتم اقرار خطة عمل استراتيجية تمتد على العشريات القادمة، فان هذه المؤتمرات لا تعدو كونها استعراض اعلامي.

علماء الأرصاد المناخية يؤكدون في تقارير اعلامية ان موجة الحر الحالية مستحيلة الحدوث لولا التغيرات المناخية. نفس المصادر أكدت ان العالم قد يشهد موجات هجرة كبيرة تسمى الهجرة المناخية حيث سيهاجر الناس من مناطق اشتداد الحر نحو مناطق معتدلة اكثر و هو عبئ جديد سيزداد للأزمات العالمية الحالية و التي تعاني أصلا من موجات هجرة لاسباب مختلفة.

في نفس السياق كان الأمين العام للأمم المتحدة قد صرح منذ يومين اننا تجاوزنا مرحلة الاحتباس الحراري و بلغنا مرحلة "الغليان" بما معناه ان الكوكب وصل لمرحلة الاحتراق. الأمين العام دعى الدول الى التحرك جديا ازاء هذه الأزمة مما يفيد ان الجهود الدولية المنجزة لا تكفي و ان التوقعات المناخية قد تكون متأخرة في ما يخص السنوات القادمة.

تتزامن موجة الحر مع موجة اخرى من الفياضانات و السيول في مناطق اخرى من العالم ما أدى الى دمار شامل في البنية التحتية و تلف للمحاصيل الزراعية بنفس درجة الدمار التي تسببها الحرائق

لقد زرت الجزائر سابقا في هذا الوقت من السنة و هي تمتاز بمناخ صحراوي جاف و مفروض تكونوا تأقلمتو مع الوضع. هذه السنة درجات الحرارة هناك ارتفعت الى مستويات قياسية كما ذكرت حضرتك و تسببت في اندلاع الحرائق في الغابات الكثيفة و هو ما زاد من تعقيد الأزمة. كنت أتابع الأخبار و وجدت أن السلطات أعلنت عن اطفاء الحرائق بنسبة 80 بالمائة باستخدام طائرات الاطفاء.
كما و تم رصد ان الحرائق الكبرى اندلعت في جميع دول حوض المتوسط تقريبا بالاضافة الى حرائق في الغرب الأمريكي ولاية نيفادا على ما أذكر.

بالتزامن مع موجات الحر فان هناك مناطق اخرى اجتاحتها الفياضانات و السيول القوية مثلما حصل في المغرب منذ يومين. هذه الاحداث الاستثنائية تثير قلق الجميع و قد اعلنت الأمم المتحدة على أن موجة الحر الحالية تسببت في خسائر جملية تقدر ب128 مليار دولار. يتزامن هذا مع ازمة اقتصادية عالمية بسبب تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية و التي لا يبدو انها ستنتهي قريبا.

من المفترض ان تنخفض درجات الحرارة خلال اليومين القادمين و لكن موجات جديدة متوقعة خلال الشهر القادم أوت.

صحيح اخي الفاضل؛ لم يسبق لي ان عشت احر من هذا الصيف وباعتبار المنطقة التي اعيش فيها معتدلة نسبيًا لكل فصل لكن هذا العام ازداد الامر سوءا مع تواجد الحرائق وقلة الامكانيات للاسف والخاسر الاكبر هو المواطن البسيط الذي يعاني في كل الحالات. شخصيا في المنطقة التي اعيش فيها واليوم فقط تم تسجيل العديد من الحرائق وانقطاعات في الكهرباء مع درجة حرارة قدرت ب 55° مئوية تحت الظل وتحديدا بمقياس السيارة لانه من المستحيل تحمل الوقوف في الخارج كثيرا.
الخسائر التي تحدث للدول الأوروبية والمتقدمة التي تأثرت بهذا التغير المناخي على الاقل شعبها لا يعاني من النواقص وانعدام اقل الظروف لغاية انتهاء الموجة الحرارية. في حالتنا الاشخاص الذين يمتلكون مكيفات لا توجد اي فائدة والسبب ان الكهرباء اما منعدم او قليل مما يجعل تشغيل المكيف مستحيل. آليات اطفاء الحرائق منعدمة ووسائل النقل والاماكن العمومية لحماية المواطن من الحر غير موجودة.
نتمنى ان تكون هناك خسائر مادية وصرف ميزانيات لتفادي الخسائر البشرية لكن في دولنا العربية الاغلبية نرى العكس

يشهد العالم حاليا موجة حر مرتفعة في جميع القارات تقريبا لتسجل بعض الدول درجات قياسية لم تتعرض لها طيلة عقود. خبراء المناخ يؤكدون ان الموجة لم تكن متوقعة ان تحصل بهذه السرعة و هي تعتبر مؤشرا على ان التغيير المناخي يحصل بنسق متسارع عن ما كان متوقعا.

موجة الحر الحالية ليست متفردة لأنه قد سبقتها موجات حر منذ بداية جوان الفارط و سنليها موجات اخرى قبل انتهاء الصيف مع منتصف سبتمبر القادم و قد تتواصل الى بعد ذلك. تأثير هذه الموجة يتجاوز النتائج على المناخ العالمي ليشمل الاقتصاديات و يكون لتأثيرها نتائج سلبية على الاقتصاديات الصغيرة التي تعاني بنيتها التحتية من نواقص و عدم قدرة على تحمل تأثيرات درجات الحرارة القصوى.

يسعى العالم الى محاولة التعاطي مع الأزمة من خلال مؤتمرات و اتفاقيات و حتى رصد ميزانيات. و لكن لا يبدو ان لها فاعلية تذكر خصوصا ان الخسائر تتواصل.
موجات الهجرة المتزايدة في الارتفاع هي اكبر مؤشر على تفاقم الحالة و عدم قدرة الدول على استيعاب هذا النوع من الأزمات.